الجراحة الروبوتية عند الأطفال: هل يجب القيام بها أم لا؟

من أجل مناقشة متوازنة، قمت بإدراج وجهتي نظر متعارضتين، الأولى لي، والثانية لصديقي وزميلي العزيز، الدكتور عابد قاضي، أحد أفضل جراحي الأطفال الذين عملت معهم على الإطلاق.

وجهة نظري:

الجراحة الروبوتية موضوع رائج حاليًا. في كل اجتماع علمي أحضره تقريبًا، هناك بعض العروض التقديمية حولها. كما أنها سؤال متكرر من قبل العائلات. في هذا المنشور، سأقدم وجهة نظري الخاصة حول الجراحة الروبوتية في تخصصي.

أولاً، أود أن أعلن أنني لا أقوم حاليًا بالجراحة الروبوتية. عملت سابقاً مراكز حيث كان الروبوت متاحًا لي، واتخذت بعض الخطوات نحو الحصول على امتيازات لاستخدامه، لكنني لم أعرضه على المرضى كخيار.

ثانياً، أود أن أبدد أسطورة حول الجراحة الروبوتية. فالجراحة لا يقوم بها الروبوت. بل يقوم بها الجراح الذي يتحكم في الروبوت. تخيل استخدام ذراع آلية لحمل شوكة تستخدمها بعد ذلك لتناول الطعام. لا تمتلك الذراع القدرة على الحركة من تلقاء نفسها. إنها ببساطة تقلد حركة يدك. قد يكون هذا تشبيهاً جيداً للجراحة الروبوتية في وضعها الحالي.

إذا بدأ هذا يبدو لك وكأنه الكثير من المتاعب و الصعوبة الغير ضرورية، فأنت محق! لماذا نستخدم مثل هذه الآلة الباهظة الثمن للقيام بمهمة بسيطة يمكنك القيام بها بنفسك بشكل مثالي؟ سيكون ذلك مضيعة للوقت والموارد. قد يكون مفيدًا لشخص عاجز، ولكن ليس لشخص بالغ يعمل ذي جسد طبيعي. لن تركب سيارة فيراري لقطع مسافة 5 أمتار؛ سيكون المشي أسهل وأرخص وأسرع.

بالطبع, لا تتوقع من جراحك أن يكون معوقًا جسديًا. بالنسبة لغالبية العمليات الجراحية التي يقوم بها جراح كفء، فإن الروبوت مضيعة للوقت والموارد دون فائدة يمكن إثباتها. وهذا يفسر لماذا لم يلجأ أغلب الجراحين الممارسين إلى استخدام الروبوت. ولا يوجد حاليًا أي دليل على أن الروبوت يوفر نتائج أفضل مقارنة بالتنظير البطني التقليدي، إلا إذا وجد الجراح أن استخدام التنظير البطني التقليدي يمثل تحديًا صعباً بالنسبة له.

كما أن هناك عيبًا مهمًا في استخدام الروبوتات عندما يتعلق الأمر بالأطفال. فمنفذ البورت (التروكار) في روبوت دافنشي يبلغ قطره 8 مم. وعندما أجري عملية المنظار التقليدية للأطفال، فأنا عادة ما أستخدم أدوات بقطر 3 مم. وسوف تحتاج الأداة إلى شق يبلغ طوله1.5 مرة قطر الأداة لسهولة إدخالها. وهذا فرق كبير، خاصة عند استخدام منافذ متعددة. ففي عملية قياسية بثلاثة منافذ، سيكون المجموع الإجمالي للشقوق "الروبوتية" أكثر من 4 سم! وإذا كنت أستخدم شقًا بقطر 3 مم، فإن المجموع الإجمالي يبلغ حوالي 1.5 سم. وإذا قارنت المجموع الإجمالي للشقوق الروبوتية بالجراحة المجراة بطريقة الفتح، فقد لا تجد أي فرق على الإطلاق.

كذلك, أنا أشعر أن معظم الجراحين والمؤسسات التي تروج للجراحة الروبوتية حاليًا يقومون بذلك بشكل أساسي لجعلهم يبدون "رائعين"، أو كأداة تسويق ولأنها عصرية. وهذا ليس بالضرورة أمرًا سيئًا، لكنني لا أعتقد أنهم صريحون تمامًا بشأن الافتقار إلى الأدلة على الفوائد للمرضى كما ينبغي. إذا كنت تفكر في إجراء جراحة الروبوت، فيجب عليك أن تسأل جراحك عن أفضلية هذه الجراحة بالنسبة لك كمريض أو والد لمريض. لقد رأيت جراحين "روبوتيين" يتحولون إلى الجراحة التنظيرية التقليدية كلما ساءت الأمور أثناء الجراحة الروبوتية. وهذا جعلني أشك في وظائف الروبوت. هل يعزز الروبوت الجراح حقًا؟

لا ينبغي أن يُساء فهمي، فأنا أعتقد أنه في يوم من الأيام سيتم استخدام الروبوت بشكل روتيني. ومع ذلك، لكي يصبح هذا مفيدًا، يجب أن يحدث انخفاض كبير في التكلفة وحجم الأداة. سيتعين أن يقترن هذا بانخفاض كبير في قدرتي على إجراء عمليات المناظير التقليدية. أود أن أعتقد أن قدرتي تتزايد بالفعل مع زيادة الخبرة بدلاً من كونها تتناقص.

باختصار، الجراحة الروبوتية من موضات العصر ولكنها لا تقدم أي ميزة حقيقية للغالبية العظمى من الإجراءات، وخاصة عند الأطفال. في وضعها الحالي، لديها عيوب مهمة بشكل أساسي فيما يتعلق بالتكلفة وحجم الأداة.

وجهة نظر الدكتور عابد قاضي:

لقد تم تدشين جراحة الروبوت للأطفال بالتوازي تقريبًا مع جراحة الروبوت للبالغين في العقد الأول من الألفية الجديدة. ومثل أي مجال آخر من مجالات الحياة، استقبل بعض الجراحين هذا الأمر بترحيب بينما ظل آخرون متشككين. لقد أتيحت لي الفرصة لأكون أحد أوائل الجراحين الذين تحمّسوا لما يمكن أن تفعله جراحة الروبوت مقارنة بجراحة المناظير التقليدية. لقد شهدت بنفسي، منذ عام 2006، الاستخدام الناجح للروبوت في جراحة الأطفال في طفل لا يتجاوز وزنه 5 كجم.

ومثل جراحة المناظير، التي أنكرها الجيل الأكبر سنًا من الجراحين، سواء في عالم البالغين أو الأطفال، والتي واجهت مقاومة من المتشككين، فقد تطورت جراحة الروبوت على مر السنين. تم تصميم وتصنيع معدات جراحة المناظير التقليدية للأطفال المتاحة حاليًا خصيصًا لحجم حديثي الولادة، وبعض الحالات المحددة، على سبيل المثال، استخدام مبعد البواب 3 مم لتضيق البواب والدباسة الآلية 5 مم. وأنا على يقين من أننا سنرى في الوقت المناسب نفس التطور في الجراحة الروبوتية.

من أهم مزايا الجراحة الروبوتية الرؤية ثلاثية الأبعاد، والرؤية بزاوية واسعة، التحكم البديهي لطرف الأدوات والتي تتغلب على الصعوبة التي تواجهها الجراحة التنظيرية التقليدية حيث بوسع الأدوات الروبوتية أن تقلد حركة رسغ اليد. وهذا هو بالضبط السبب وراء كون منحنى التعلم حادًا للغاية في الجراحة الروبوتية عند مقارنته بتعلم الجراحة التنظيرية التقليدية (أي أنه أسرع). أود أيضًا أن أقول إن الجراحة الروبوتية في الواقع هي امتداد مباشر للجراحة المفتوحة ولا يمكن مقارنتها بالجراحة التنظيرية التقليدية. لديها مزايا إضافية تتمثل في الراحة الهائلة للجراح حيث يجلس ويرتاح رأسه فوق وحدة التحكم مما يسمح بعدة ساعات من الجراحة دون أي إرهاق جسدي. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للجراحين المسنين ولكن مع عدد كبير من سنوات الخبرة والحكمة، يتمتع الروبوت بالقدرة على تجاهل ارتعاش اليد وأداء الحركة المطلوبة فقط. هذه فائدة كبيرة للمريض وكذلك للنظام الصحي، وخاصة في المراكز حيث يتم التدريب المنهجي للجراحين.

إن التكلفة العالية للجراحة الروبوتية هي مجرد خرافة. ويمكن موازنة التكاليف الفعلية المتزايدة بسهولة من خلال تقليص مدة الإقامة بالمشفى وتحسين النتائج الجراحية الناتج عن استخدام الروبوت. ومن المتوقع أن يتم توزيع التكلفة بالتساوي على مدار السنوات القادمة، عندما يستخدم عدد أكبر من الجراحين هذه التقنية ويتوفر عدد متزايد من المستشفيات التي توفر الجراحة الروبوتية. ومن المتوقع أيضًا أن ينخفض ​​حجم الأدوات الفردية مع مرور الوقت مع توفر الروبوتات الأصغر حجماً في السوق. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، شهدنا بالفعل تقليص حجم الروبوت من عملاق ضخم يصعب تحريكه في غرفة العمليات إلى إصدارات أحدث يمكن تحريكها بسهولة. وفي الختام، أنا متأكد من أنه على الرغم من الشكوك الكبيرة، فإن جراحة الأطفال الروبوتية موجودة لتبقى وستتحسن أكثر في أدواتها وتطبيقاتها السريرية. ومن المناسب أيضًا أن نقول إنه مثل الجراحة بالمنظار، يجب على الجراح اختيار تطبيق التقنية لمجرد إفادة المريض ويجب ألا تستخدم أي مهارة جراحية أو أدوات لتمجيد الجراح الفرد فقط.